استراتيجية قيام الأطفال إلى السبورة..

الحسين وبا15 يونيو 2017
استراتيجية قيام الأطفال إلى السبورة..
ذ. الحسين وبا

قليلا ما يعنى بقيام أطفالنا إلى السبورة، وقليلا ما يلتفت المدرسون بمدارسنا التعليمية بأصنافها واسلاكها المختلفة (ابتدائي،إعدادي وثانوي) بشكل عام، والإبتدائي بوجه خاص ودقيق إلى هذه الطريقة الهادفة و الداعمة، وإلى هذا الأسلوب البيداغوجي الإبداعي نظرا لأهميته التربوية والمعرفية البليغة سواء في بناء المعارف وتخزينها في ذاكرة المتعلم، أو في بناء شخصيته بشكل عام، وحفزه على المشاركة والمبادرة وتعويده على الكتابة على السبورة، التي غالبا ما تنسب للمدرس وحده، في حين أن السبورة تعد الوسيلة الأكثر اعتمادا وتشغيلا والتي يلجأ إليها المدرس لتمرير جملة التعلمات والمهارات لمتعلميه، وأن حضورها داخل الفصول الدراسية يترجم مدى ضرورتها لكل عملية تعليمية وتعلمية من جهة وانتمائها لكل الفاعلين بالمؤسسة ومن له العلاقة بها (المدرسون-المدير-التلاميذ-هيئة المراقبة والتأطير…الخ)وكلما أحسسنا المتعلمين بهذه الحقيقة الغائبة لحد الساعة على فصول مؤسساتنا التعليمية-ويا للأسف-أنتجنا أطفالا تتخلل مواقفهم الجرأة والتنافسية والحماسة والنقد والدقة في الملاحظة وحسن الإنصات والردود السديدة، وتلكم هي أهم المواصفات التي يجب أن يكتسبها متعلمونا والتي تجعل منهم في المستقبل شخصيات متوازنة وفاعلة ومتفاعلة مع محيطيها الدراسي والإجتماعي(الأسرة والشارع) كما تعد من أنجع الأهداف المتوخاة من برامجنا ومناهجنا وطرائقنا التعليمية(السياسة التعليمية)وبكلمة واحدة ومختصرة إنها النتائج والحقائق التي نادت بها وإليها كل المدارس والدراسات والنظريات الحديثة- انظر المشروع التربوي عند فروبل وديكرولي ودوركهايم ومؤلفات فرونسواز دلتو وبياجيه وألسكندرنايل الخ- للأسف، ونحن نعيش داخل عالم يشهد عالم الثورة التكنولوجية(حيث اجتاحت ثورة الإعلاميات كل مناطق المعمور وفي جميع المجالات الإقتصادية والتعليمية والثقافية وغيره، وحيث أن العالم يعد عدته لمواكبة عهد التحولات الكبرى والتحديات الشائكة-العولمة، الألفية الثالثة)ما زلنا لم نعط الفرصة بعد لتلاميذنا للمثول أمام السبورة(الشبح المخيف) قصد تصحيح التمارين أو رسم خطاطة أو قراءة موضوع أو قص حكاية أو للقيام بدور مسرحي أو غيرهما من النشاطات الترفيهية التكوينية الهامة والتي تفتقر إليها أغلب مؤسساتنا التعليمية. إن طريقة حفز المتعلمين وإيقاظ اهتماماتهم للقيام إلى السبورة وتحبيبها لديهم وتعويدهم عليها ليعد نبراسا جديدا ومؤشرا تربويا إيجابيا في مسار الإصلاحات والتحولات البيداغوجية الجديدة التي يسعى نظامنا التعليمي جاهدا للوصول إليها والتمكن من استثمارها عاجلا أو آجلا.

إن مشاركة المتعلمين في الكتابة على السبورة أو المثول أمامها قصد القيام بنشاط ما، تعد في الصميم فرصة لبناء علاقة تعارف وانفتاح وتواصل ليس بين المدرس وتلاميذه فحسب بل بين المتعلمين أنفسهم.كما تعد ورقة رابحة للتخلص من كل أشكال الكبت والإرتباك والخوف والإنزعاج والخجل والإنطواء … الخ من المظاهر السلبية التي تعج بها فصول مؤسساتنا التعليمية بطوريها الأول والثاني من التعليم الأساسي. يقول بياجي رائد المدرسة التكوينية :أن تفهم معناه أن تبتكر وتعيد البناء وهذا ما سينطبق جليا على متعلمينا الذين يبادرون بالقيام إلى السبورة.

إن كل معرفة لا يشارك في بنائها المتعلم محكوم عليها بالتلاشي ، وأن كل مدرس لا يتيح لمتعلميه الفرصة للقيام إلى السبورة، فيعتبر نصف مدرس وطريقته عقيمة لا نفع منها ولا ضرر في إزالتها واستبدالها. يقول مكارينكو رائد المدرسة الواقعية ” على المربي أن يتصرف بصورة كون كل حركة من حركاته تربى” وبناء عليه، وجب علنا أن نربي أطفال مدارسنا على الإستقلالية وإبداء الرأي، والمبادرة وخلق روح النقد لا على أشكال التبعية والإتكالية وترديد الجمل وما لقن لهم. انظر مقالات الدكتورة آسية أقصبي بالملاحق التربوية الأسبوعية بجريدة الإتحاد الإشتراكي.

فمتى يا ترى سيتحرر أطفالنا من قيود المدرسة التقليدية ( الخوف-الصمت-الترديد و النقل )؟