عادة في المشهد السياسي يعتبر جهاز النقابة و المناضل النقابي فعل وفاعل سياسي أساسي وجوهري في الدفاع عن حقوق ومطالب الطبقات الكادحة والعمال، كما أنه فعل وفاعل سياسي حريص كل الحرص على صون المكتسبات وكل ما تحقق من خلال نضالات الطبقة العاملة، بل أكثر من ذلك ملازمة نبض الشغيلة عن أي خرق ومس يفضي إلى أي تراجع يقلق طموحاتها وإرداتها في حياة كريمة باعتبارها عصب المجتمع ساهمت وتساهم في بنائه، وفي علاقة بذلك وارتباطا بالحقل السياسي المغربي وخاصة في ظل الحكومة الأخيرة التي انتهت ولايتها منذ شهر غشت الأخير يلاحظ محللو المشهد السياسي أن أزمة حقيقية لاحت إلى الوجود بطلها الفعل والفاعل النقابي؛ أزمة أثرت على العلاقة بين المنخرطين من القواعد وبين ممثليهم، فأصبح عامل الثقة في خبر كان، بحيث استطاعت هذه الحكومة منذ ولايتها “قتل” كل ما هو نقابي في المغرب وإزاحته كليا من أجندتها واعتبارها معلنة موت العمل النقابي و معرية عجز المركزيات النقابية في الدفاع عن مكتسبات وحقوق الشغيلة.
ولعل من أبرز تجليات ومظاهر هذا العجز هو تمرير العديد من المراسيم والقوانين الماسة بحقوق ومكتسبات الطبقة العاملة أبرزها ملف التقاعد المجحف، في الوقت الذي كانت تنتظر هذه الطبقة تحسينا لوضعيتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى يبدو ويظهر جليا ويحق لنا أن نقول ونتحدث عن موت العمل النقابي بالمغرب من خلال العديد من التناقضات؛ تناقضات على مستوى الشكل والمتن، فما الاختلاف واللخبطة في مواعيد الاحتجاجات والإضرابات والمسيرات إلا عربون و مؤشر ضعف ووهن، تتيه من خلالها قناعات المنخرطين من القواعد؛ فالتنسيقيات تناشد ونقابات أخرى تعلن إضرابات وتطعن، وأخرى تعتبر المسيرات هي الحل وتجتمع من أجل تسطير برنامجها النضالي في غياب منظور ورؤية موحدة تتكثل من أجل إبداء تضامن حقيقي مع نبض ومعاناة الطبقات الكادحة والشغيلة، كما يبدو جليا موت الفعل النقابي بالمغرب إذا ما وقفنا وقفة تأملية عند البعد التنظيمي للعديد من الأجهزة والفروع النقابية والتي أصبحت مفرغة من المناضلين عنوة بل أضحت وكالات خاصة محفظة، نسيت كل إجراء للفعل الديمقراطي في التجديد والتغيير والتفعيل “نموذج كدش بأسفي مثلا”، حتميا فإن كل الشروط والتي لامسنا جزءً منها في هذا المقال، تحيل إلى حقيقة واحدة ووحيدة هي أن الفعل النقابي بالمغرب أُفرغ من متنه ومحتواه؛ فعل نقابي تم نعيه وإقباره فأصبح كالجسد المحنط بلا روح ولا حيوية ولا نشاط اللهم الإسم .