شعرية البوح و شغب السؤال عند الشاعر بلوافي

تعليم نت21 مارس 2017
شعرية البوح و شغب السؤال عند الشاعر بلوافي

اهتزت رحاب المكتبة الوسائطية بمدينة البوغاز على إيقاعات تركيبية و لغوية و دلالية خلال القراءة المعبرة التي خص بها الشاعر جمهوره المتنوع ” أساتذة ، شعراء ، تلاميذ، أمهات ، أطفال و شيوخ..” وذلك بمناسبة الاحتفاء بإصدار ديوانه الثاني الذي حمل هذه المرة عنوان” تراتيل على وقع المطر” .

لم يكن الحفل البهيج الذي أقيم لهذا المبدع الشمالي ، غير موعد ذهبي ، كان الشاعر قد ضربه لقرائه العام الماضي حينما أقدم على تقديم ديوانه الأول ” ضمديني أيتها المقامات ” .

وإذا كانت الأقدار قد شاءت أن يحضر الشاعر الكاريزما– عميد القصيدة الشعرية بالمنطقة الشمالية – السيد المهدي أخريف – نفسه – وقائع توقيع هذا الديوان الشيق ، باعتباره باكورة أعمال سي مصطفى في حقل التأليف و النشر ، فإن الزمان و المكان كانا هذه المرة خير منصف لعطاءات هذا النهر الذي لا تنضب مياهه ، حيث قام الدكتور محمد المسعودي ، كشاعر و ناقد أكاديمي بتقديم إصداره الثاني” تراتيل على وقع المطر” عبر قراءة نقدية ، ممنهجة، تحت عنون ” شعرية البوح و شغب السؤال عند الشاعر مصطفى بلوافي ” إنها القراءة التي أضاءت للجمهور عتمة الانزياح و غموض الإيحاءات الشعرية التي اعتمدها الشاعر فضلا عن المعجم و الحقول الدلالية الغنية و المشبعة بلغة البوح بكل ما يضيق صدر و نفس الشاعر و بكل ما تتوق إليه شعريته و مشاعره و أحلامه إلى تحقيقه و السمو به، و نجد في مقدمة هذه الرغبات و الأماني : الوطن و المرأة و الطفل و السياسة و الحب و……

و حتى تكتمل صورة التشويق و الإمتاع لدى الجمهور الحاضر، و خصوصا تلاميذ 2 باك آداب و علوم إنسانية من التعليم الثانوي التأهيلي ، أعطى منشط الأمسية ” ذ: سعيد الحدوشي ” الكلمة للكاتب الصحفي الأستاذ الحسين وبا، الذي افتتح مداخلته بالحديث عن أهم الدوافع الواقفة وراء تطور تجربة شعر التفعيلة او الشعر الحر، و أسباب انتشاره و قبوله في مختلف الأوساط الاجتماعية و الميادين العلمية و الثقافية، مركزا بدقة على العتبتين التاليتين :

1- عتبة العنوان : باعتباره أولا، يحظى بأهمية فائقة في الدراسات النقدية المعاصرة ، وباعتباره ثانيا يوجه القارئ إلى سبل الإمساك بمعانيه ودلالاته. إذ صدق من قال” الكتب تقرأ من عناوينها ” .

فعنوان الديوان من حيث الشكل ، كان بارزا ومغريا ، يتألف من أربع كلمات ، مشكلة جملة اسمية هي:

– تراتيل: جمع كلمة ترتيل المشتقة من فعل رتل ، نقول : يرتل المقرئ القران ترتيلا ، إي يمهل و يتأنى في تلاوته .

على: حرف جر

وقع: حسب السياق و تعني حصول و نزول…

المطر: الشتاء

أما من حيث الجانب الدلالي ، فالشاعر يؤكد أن مركز الحياة و قلبها النابض هو المطر، في غيابه يستحيل الاستمرار ، في إشارة ضمنية بليغة إلى قوله تعالى: و جعلنا من الماء كل شيء حي” و هذا ما سيترجمه غلاف الكتاب.

2- الغلاف :جاء بألوان عديدة و لكنها متداخلة و غير متنافرة ، و هي كالتالي :

-الرمادي المصحوب باصفرار خفيف : يشير إلى غيوم السماء التي تنتظرها كل الكائنات الحية

– الربيعي نسبة إلى حلول الربيع أي المباهج و المسرات .

– الأخضر نسبة إلى الاخضرار الذي أضحت عليها الأرض من جراء سقوط المطر . مما يوحي أن نفسية الشاعر رغم ما تعانيه من تقلبات و تحولات لكنها في الأخير تعود إلى الاستقرار الذي يعني الصواب.

دون أن ننسى الغصن اليابس المائل و المنعزل في الغلاف الأمامي و الذي تحول إلى غصن واقف و ثابت وسط النباتات بعد نزول المطر في الغلاف الخلفي .في إشارة إبداعية بليغة إلى أن البشر يعود إلى وسط الجماعة بعدما فارقها و انعزل ، وذلك للتعبير عن فرحه و الاستبشار بالخير و الشعور بالأمان وقت سقوط المطر .

و الجدير بالإشارة أن الجمهور الطنجاوي – الذواق للغة موليير و فولتير و لافنطين و بابلو نيرودا و بورخيس و محمود درويش و سامح القاسم و نزار قباني و المجاطي و بنيس و اللعبي و المهدي أخريف و الطبال وغيرهم…… و على رأي العقاد رائد مدرسة الديوان لما قال : ” إذا لم تعرف حياة الشاعر من خلال ديوانه ، فهو ليس بشاعر و لو كان له عشرات الدواوين .” – أصبح يعرف شاعره الزيلاشي : مصطفى بلوافي ويتلذذ بسلاسة و عذوبة شعرية قصائده من خلال هذين الديواننين الرائعين المشار اليهما سابقا.

ذ: الحسين وبا