كيف يتم هضم الحق في المعلومة من قبل مؤسسة تربوية جامعية ؟

كيف يتم هضم الحق في المعلومة من قبل مؤسسة تربوية جامعية ؟

“قص من الواقع”
لم أنس تلك اللحظة التي تجاور معي فيها “ج الطاهر” وأنا أحتسي فنجان قهوتي المسائية بإحدى مقاهي العاصمة ؛وكله قلق وغضب.. أثارني الفضول لأعرف ما يقلق الرجل؛ فإذا به يرد.
– مشكل بسيط ” كلية الآداب.. بالرباط دارت من الحبة قبة “.
– كيف ذلك ؟
– ابنتي أرادت أن تغير المسلك الدراسي لأنها اكتفشت بعد مرور هذه الفترة بأنها لم تعد لها القدرة لمسايرة إيقاع الدراسة به. فكتبت طلبا ؛ وطلبت مني أن أودعه بإدارة الكلية .
– ماذا بعد؟ أين هو المشكل ؟
– المشكل هو أنني أسبوع وأنا أبحث عن نائب العميد المسؤول كما قيل لي .
– لم نائب العميد؟ ضع طلبك في كتابة الإدارة أو في مكتب ضبطه؛ وتسلم وصلا على ذلك.
– توجهت بداية إلى الموظف المسؤول عن تدبير شؤون طلبة المسلك الذي تنوي ابنتي تغييره. أمرني بكتابة طلب في الموضوع والمصادقة عليه من قبل نائب العميد؛ ذلك ما كان . استفسرت موظفة كتابة العمادة على وضع طلب تغيير المسلك ؛ فردت بالقول لابد من استشارة نائب العمدة لأنه أوصانا بعدم مسك أي طلب في الموضوع. انتظرت مع جحافل الطلبة في الممر المؤدي إلى مكتب نائب العميد طلعته البهية؛ وأنا أسترجع شريط ذكرياتي يقول “ج الطاهر” كطالب بنفس الكلية أيام الزمن الجميل.. فإذا بموظف يوقظني من غفوتي بأن نائب العميد في اجتماع هام قد يطول به المقام لذا نصحني بألا أبدد وقتي في انتظار من لايأتي. فعلا رجعت خاوي الوفاض؛ تلقتني ابنتي وهي فرحة وكأنتي أوفيت بقضاء غرضها؛ إلا أنها أدركت بهزة من رأسي بأن طلبها رفض. فشرحت لها الموقف بعد أن استرددت بعض أنفاسي بأنني لم ألتق بعد بنائب العميد. عاودت الكرة ثلاث ورباع. توجهت إلى الجامعة الأم لأستفسر رئيسها بتوصية من بعض الأصدقاء ؛ لم أتمكن من اللقاء به لالتزاماته..إلا أن أحد الموظفين المشرف على كتابة الضبط عندما أردت أن أودع في مكتبه طلب تغيير المسلك؛ رد علي بأن الطلب يجب أن يودع بمكتب ضبط الكلية بالسويسي؛وليس هنا على اعتبار أن مكتبه خاص بتلقي طلبات التغيير المتعلقة بالماستر والدكتوراه.
أعدت أدراجي ملتحقا بالكلية لأودع الطلب في كتابة العمادة. موظفة الكتابة ترفض تسلم أي طلب إلا بإيعاز من نائب العميد؛ انتظرت مع المنتظرين ممن يعول عليهم المغرب تحمل تسيير شؤونه مستقبلا ؛ وهم يعانون التهميش من خلال معالجة قضاياهم البسيطة؛هذه طالبة تنتظر تأشيرة على شهادة جامعية ؛ وأخرى تود تقديم طلب شهادة ؛وآخر يريد أن يستفسر عن تغيير شعبة.. وأنا أنتظر طلعة نائب العميد البهية.. هاهي تظهر من خلال فتح باب مكتب كبير علقت على بابه ورقة كتب عليها “ممنوع الدخول للطلبة” وفوقها علامة “ممنوع المرور” المتعلقة بالسير تنبي وكأنك في الطريق وليس في مؤسسة تربوية جامعية. وهو يرافق أحد أصدقائه حتى لا أقول زواره لأن ذلك ممنوع ؛ حاولت استفساره قبل أن يتجه وجهة أخرى؛ فرد علي بكل برودة يقول”ج الطاهر” إنتظر دورك ؟ عندما أنتهي مع السيد سأرى في أمرك ؟
دخل مع رفيقه إلى كتابة العمادة ولم يخرج منها إلا بعد قضاء فترة طويلة و جموع الطلبة يحاصرون المكان بحيث العديد “منهن ومنهم” تغيب عن دروسه بسبب هذا اللاهتمام واللامسؤولية.. في إعطاء الأهمية للحق في المعلومة.
أخيرا وصل دوري في الاستفسار عن أمر طلب ابنتي يقول “ج الطاهر”.سألني”نائب العميد” ماذا في الأمر؟ وهو يتطلع إلي من أخمص القدمين دون أن يحقق في محياي. أجبته كل ما في الأمر سيدي” نائب العميد” ابنتي تود تغيير مسلكها الدراسي من.. لم أكمل الجملة حتى رد علي ممنوع. تغيير المسالك توقف منذ مدة. هذه فترة الامتحانات لا يقبل أي كلام أو طلب في الموضوع. انتفضت لاستفزازه يقول ” ج الطاهر” ما العمل إذن ؟ البنت لم تجد نفسها في المسلك الذي اختارته.أخطأت . لا يوجد حل لتدارك الخطأ ؟ هل نحكم عليها بالبقاء في البيت ؟ ما العمل ؟ ما الحل ؟. علمت أن كلامي بمنطقيته جعله يفكر؛ويتأنى في الرد. وبعد لحظة رد علي : سيفتح مكتب الضبط لتلقي طلبات تغيير المسالك ابتداء من شهر فبراير؛ أما الآن فلا يسمح بتقبل أي طلب في الموضوع.
قلت مع نفسي يقول ” ج الطاهر” بباب مكتب نائب العميد علقت ورقة مكتوب عليها” ممنوع الدخول للطلبة”؛ فلم لم يعلق بجوارها إعلان يكتب فيه ” لا يقبل تغيير المسالك إلا ابتداء من شهر فبراير” وكفى المسلمين شر القتال.
وأنا أنصت إلى قصة “ج الطاهر” مع ماراتون تقديم طلب ابنته لتغيير شعبة أو مسلك دراسي جامعي ؛ أكتسف أننا نهدر الكثير من الوقت والجهد والمصالح ..بسبب تعنت بعض من يتحملون تدبير شأن ما؛ بإدارة ما ؛ بمصلحة ما.. في إعطاء معلومة بسيطة أو نشرها؛ تكون حلا للعديد من المشاكل..