ظاهرة المقروئية بين الإقبال والعزوف

علي عمار15 نوفمبر 2013
ظاهرة المقروئية بين الإقبال والعزوف

ظاهرة المقروئية بين الإقبال والعزوف لدى الموظفين الجزائريين

( دراسة ميدانية )

   جامعة  تلمســــانالجزائر. 

أهمية المقروئية :

المقروئية هي : (الاستطاعة الذاتية على تحويل الرموز المخطوطة إلىمفاهيم ذهنية تفرض على القارئ مجهودات كبيرة يتطلبها هذا التحويل) وللمقروئية دور كبير في تنمية مدارك الإنسان وتفتحه على الجديد ومسايرته لتطورات العلم والثقافة.

والمقروئية عملية مركبة تخضع لمجموعة من التفاعلات الجسدية والنفسية والعقلية  باعتبارهاتتطلب بالإضافة إلى المستوى الثقافي و الصبر،عاملا نفسيا هاما وهو الاهتمام الشخصيأي (هوى المطالعة). وبطبيعة الحال فإن هناك عوامل مساعدة ومشجعة على المقروئية لها دورها وتتعلق بالحوافز المادية وتوفر المكان الملائم للمطالعة إلى غير ذلك من العوامل.

ويكتسي شكل المقروئية نوعية خاصة لما له من علاقة بعدة معطيات اقتصادية واجتماعية ، ولما له علاقة أيضا بما يسمى أزمة المقروئية والتي أصبحت تأخذ إبعادا جدّ حادة.

ولكن حينما يتعلق الأمر بالموظفين ، فإن المشكل يأخذ بعدا له خصوصيته سواء من حيث أسلوب هذه الفئة المهنية داخل المجتمع الجزائري ، أو من حيث فعالية المقروئية بالنسبة للحضور الذهني للموظف الجزائري  واثأر ذلك على مساره المهني.

وتبرز أهمية المقروئية بالنسبة للموظفين الجزائريين في محاربة التحجر والتلكؤ وضعف المعلومات وبالتالي تساهم المقروئية المسامرة والمفيدة في معالجة بعض مظاهر البيروقراطية بكل ما تحمله من معاني ، لأنها تساعد بشكل آخر على الاندماج المجتمعي للموظف وعلى الحفاظ وتجديد مستواه الثقافي العام. خاصة إذا عرفنا أن الموظف الجزائري وبعد مغادرته لقسم الدراسة يقطع الصلة بالمقروئية وبالتالي تتلاشى معلوماته المكتسبة مع الاحتكاك بالواقع الإداري اليومي.

ذلك أن موظف بدون تكوين لا يمكن الاعتماد عليه في إدارة نعتقد أنها عصرية أنيطت بها مهام التنمية الاجتماعية ، وموظف متوقف عن تثقيف نفسه وعن الاطلاع هو عامل محبط للطاقات الإدارية الخلاقة.

إن المقروئية هي التنمية ذاتها ، والثقافة العامة ضرورية للموظف بواسطة الجريدة والمجلة والكتاب وهذه بلا شك تعتبر وسائط الثقافة المجتمعاتية.

وقد دفعني لانجاز هذه الدراسة ما كان يواجهني بصفتي – أستاذا باحثا وموظفا أيضا – من جهل نسبة كبيرة من الموظفين الجزائريين بالأدب الجزائري ورموزه وقضاياه. فكانت هذه التساؤلات والصدمات بمثابة عملية تمهيدية للقيام بهذه الدراسة.

فكم من الموظفين يتفاخرون بما يملكونه من أجهزة سمعية – بصرية (راديو – تليفزيون – فيديو –  إعلام آلي – شبكة الانترنت … الخ) وللأسف لا توجد لديهم مكتبة صغيرة. وكم من الموظفات يؤمن بالخرافات وتلتجئن إلى قارئة المستقبل ، وكم من موظف لم يطلع حتى على الوثائق والدوريات المتوفرة في إدارته وفي متناول يده.

استمارة مجتمع الدراسة :

لقد حاولت من خلال هذه الدراسة أن أهيئ أسئلة مجتمع الدراسة بشكل يتسم بالبساطة وذلك تلافيا لصعوبات تصنيف النتائج أولا ، وحتى لا يستغرق ملء الاستبيان وقتا طويلا ثانيا. فالإجابة كانت فورية لتلافي ملاحقة تجميع الاستمارات ، وثالثا لتشجيع الموظفين الصغار ولاسيما اولائك الذين يفضلون الأسئلة البسيطة أو المغلقة لأنها لا تتطلب منهم مجهودا تفكيريا.

وقد تضمنت الأسئلة نوعين من المعلومات :

أ‌-       معلومات تتعلق بالمستجوب هدفها معرفة علاقة المقروئية بالمهنة والجنس.

ب‌-  معلومات تتعلق بنوعية المقروئية لمعرفة الميولات ـ وكذا معرفة مدى الاطلاع على الأدب الجزائري والثقافة الجزائرية بصفة عامة.

وصفة مجتمع الدراسة :

مجتمع الدراسة هو مجتمع الموظفين ، وقد جرت الدراسة بمدينة تلمسان بداية من أكتوبر 2006 وناي 2007. حيث تم توزيع (120) استمارة على الموظفين بمختلف ميادينهم رجعت ألينا منه (100) استمارة ، أما (20) الباقية فقد أدلى أصحابها بأنهم لا يهتمون بالمقروئية تماما. وبناء عليه يمكننا القول أن نسبة (17 %) تقريبا من الموظفين الجزائريين في مجتمع الدراسة لا يقرؤون.

وقد جاءت العينة متنوعة وشاملة لأنواع الموظفين من حيث السن والجنس والمنصب والتخصص والمستوى التعليمي.

– فمن حيث الجنس ، تنقسم العينة إلى (70) ذكرا و (30) أنثى.

– من حيث الوظائف :

  • الوظائف الإدارية عددها (52) موزعة على الشكل التالي : (21) كاتبا عاديا ، (06) كتاب ممتازين ، (12) محاسبا ، (07) محررين ، (06) متصرفين إداريين.
  • الوظائف التقنية عددها (26) موزعة على الشكل التالي : (12) مساعدا تقنيا ، (07) مهندسي التطبيق ، (07) مهندسي دولة.
  • الوظائف التعليمية : عددها (22) موزعة على الشكل التالي : (06) معلمين ، (05) أساتذة تكميلي ، (10) أساتذة التعليم الثانوي ، (01) مفتش الطور الابتدائي.

من حيث المستوى التعليمي : فقد قسمنا الفئة إلى ثلاثة مستويات تعليمية تقابلها بطبيعة الحال – ثلاث مستويات مادية :

  • الموظفون الصغار عددهم (21) مستوى الثالثة ثانوي فما أقل ، سلالم الأجور من (01) إلى (05).
  • الموظفون المتوسطون وعدد (48) (باكالوريا ، ليسانس ، خريجو مراكز التكوين) سلالم الأجور من (06) إلى (09).
  • موظفون من طراز الإطار العالي وعددهم (31) ، مستوى الكفاءات العليا ، سلالم الأجور من (10) إلى (16).

– من حيث السـن : متوسط سن المستجوبين ما بين (30) و(35) سنة ، وتنقسم الأعمار على الشكل التالي :

فئة الأعمار من (30) إلى (25) سنة :   موظفان.

فئة الأعمار من (30) إلى (35) سنة :  (29) موظفا.

فئة الأعمار من (35) إلى (40) سنة :  (34) موظفا.

فئة الأعمار أكــثــر مــن (40) سنـة :   (12) موظفا.

تحليل نتائج مجتمع الدراسة :

أظهرت الدراسة التي قمنا بها أن أكثر من نصف المستجوبين في مجتمع الدراسة يتقن اللغتين معا : (عربية فرنسية) أي يستطيعون القراءة باللغتين (57) من (100) وهي نسبة كبيرة بالمقابل (30) موظف لا يطالعون إلا بالفرنسية ، في مقابل (13) موظفا يطالعون بالعربية وحدها وأغلبهم من رجال التربية والتعليم. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو لماذا الموظفون المتقنون للغة الفرنسية أكثر عددا من متقني اللغة العربية ؟ والجواب هو أن المستجوبين قد تلقوا نسبة كبيرة من تعليمهم بداية من القسم الابتدائي باللغة الفرنسية. بالإضافة إلى أن الإدارة الجزائرية قد ورثت عن الاستدمار الفرنسي لغته. وبالتالي مازالت هذه اللغة تحتل مكانتها في الإدارة الجزائرية. من جهة أن أصحاب الوظائف التقنية لا يطالعون باللغة الوطنية وحدها باعتبار أن الميادين التقنية تسيطر عليها اللغة الفرنسية.

ومن جهة أخرى نلاحظ أن فئة رجال التربية والتعليم هي أكثر توفرا على أعلى نسبة من مستخدمي اللغتين معا. وهذه الازدواجية قد نجد لها فوائدها ، إذ يستطيع القارئ أن يطالع كل ما يقع بين يديه من كتب ومجلات وجرائد وغيرها دون أن يعترضه عائق اللغة خاصة.

جدول بياني رقم (01) لغة المقروئية حسب الجنس.

الجنس

لغة وطنية

فرنسية

مزدوج اللغتين

المجموع

ذكــور

إناث

10

03

20

10

40

17

70

30

المجموع

13

30

57

100

جدول بياني رقم (02) لغة المقروئية حسب الوظيفة.

الوظيفة

لغة وطنية

فرنسية

مزدوج اللغتين

المجموع

وظائف إدارية

وظائف تقنيــة

وظائف تعليمية

06

– –

07

19

08

03

27

18

12

52

26

22

المجموع

13

30

57

100

فلو ركزنا النظر في الجدول رقم (01) للاحظنا بأن هذه الازدواجية ليست متكافئة. وذلك باعتبار أن (30) موظفا يطالعون باللغة الفرنسية فلو أضفنا إليهم (57) موظفا مزدوجو اللغة (الوطنية والفرنسية) لأصبح لدينا (87) موظفا يتقنون الفرنسية مقابل (70) فقط يتقنون اللغة الوطنية ، الأمر الذي يؤكد بوضوح أن اللغة الفرنسية أكثر حضورا وتغلغلا على مستوى فئة الموظفين.

عوامل العزوف عن المقروئية :

جدول بياني رقم (03) عوامل العزوف عن المقروئية حسب جنس الموظفين.

الجنس

ضيق الوقت

مشاغل

غلاء الكتب والمجلات

مشاهده التليفزيون

ذكــور

إناث

25

11

43

07

40

09

28

14

المجموع

36

50

49

42

جدول بياني رقم (04) عوامل العزوف عن المقروئية حسب الوظيفة.

الجنس

ضيق الوقت

مشاغل

غلاء الكتب والمجلات

مشاهده التليفزيون

وظائف إدارية

وظائف تقنيــة

وظائف تعليمية

20

13

03

22

16

12

17

14

18

26

13

03

المجموع

36

50

49

42

فحسب النتائج المتوصل إليها من خلال هذه الدراسة أن هناك عدة عوائق تقف أمام ممارسة هواية المقروئية. حاولنا إيجازها في أربعة عوامل منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي. وأهم هذه العوائق في نظر مجتمع الدراسة (الموظفون) –لاسيما الذكور منهم – هي : المشاغل وتشمل (مشاغل شخصية أو عائلية أو مهنية أو غيرها)، ثم يليها غلاء الكتب والمجلات وارتفاع أثمانها. بعبارة أخرى (إن شراء جرائد أو مجلات أو كتاب في الشهر أمر يتطلب مبلغا ماديا قد يتراوح ما بين (1200 و 2000 دج). وهذا لا يساعد الاحتياجات المطلوبة الضرورية للموظف البسيط). ثم مشاهدة ومتابعة برامج التليفزيون (التي أضحت بالنسبة للموظف الجزائري وسيلة ضرورية للفرجة والترويح عن النفس)، وأخيرا ضيق الوقت بينما المشاغل لا تحتل سوى القسم الأخير.

ويتحمل غالبية الموظفين الذكور أعباء عائلية جسيمة تجعلهم في حالة غير مواتية بالنسبة للمقروئية اليومية. وهذه الأعباء/ المشاغل والتي ليست نفسية فقط وإنما مادية أيضا تجعلهم لا يستطيعون مواجهة غلاء الكتب والمجلات وارتفاع أثمانها ، خاصة وأن ميزانية الموظف الجزائري تتجه أساسا إلى تغطية تكاليف التغذية والسكن.

أما الموظفات فعائقهن الأساسي هو متابعة برامج التليفزيون ، وحينما نقول التليفزيون بالنسبة للمرأة نفهم من ذلك الأفلام والمسلسلات المصرية العاطفية والاجتماعية ، والمسلسلات المكسيكية المد بلجة. أما المشاغل فلا تمثل عائقا أمام المرأة مادام الزوج في المجتمعات الإسلامية هو مسئول الإنفاق على العائلة.

والملاحظ أن المستجوبات لم يثرن قضية مشاغل البيت كمانع من المقروئية ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى كون المرأة الموظفة تتمتع بامتياز إعفائها من الأشغال المنزلية           ” الكبرى ” لدى البعض منهن ، أشغال تناط إلى خادمة مأجورة أو تقوم بها بعض الأحيان إحدى القريبات لهن.

وإذا كان أصحاب الوظائف الإدارية يشيرون إلى عائق (متابعة برامج التليفزيون) فهذا يعود إلى نسبة النساء في هذه الفئة. ذلك أن شاغلي الوظائف التقنية وهم ذوو عقلية عملية وتطبيقية يثيرون عائق (المشاغل) ثم غلاء الكتب والمجلات) ثم المشاغل. أما ضيق الوقت فلا يشكل حاجزا أمام المقروئية عند رجال التربية والتعليم باعتبار أن الوقت متوفر لهم بالكيفية الكافية وخاصة لدى أساتذة الطور الثانوي ( ذلك أن الأستاذ الثانوي مثلا يشتغل (22) ساعة أسبوعيا ـ إذا أضيفت لها (06) ساعات للتحضير والتصحيح تصبح (27) ساعة بينما الموظف الإداري يشتغل (48) ساعة أسبوعيا.

نوعية المقروئية في مجتمع الدراسة :

جدول بياني رقم (05) نوعية المقروئية حسب الجنس.

الجنس

جرائد

مجلات نسويه

مجلات أخرى

أبحاث

قصص

شعر

ذكــــور

إناث

65

09

23

53

01

32

04

22

11

13

02

المجموع

74

23

54

36

33

15

جدول بياني رقم (06) نوعية المقروئية حسب الوظيفة.

الجنس

جرائد

مجلات نسويه

مجلات أخرى

أبحاث

قصص

شعر

وظائف إدارية

وظائف تقنيــة

وظائف تعليمية

33

23

18

18

03

02

16

21

17

11

16

09

17

05

11

04

02

09

المجموع

74

23

54

36

33

15

تتنوع المقروئية بتنوع المادة المقروءة (جرائد ، مجلات ، أبحاث ، قصص ، شعر). ويبدوا أن غالبية الموظفين يقرؤون الجرائد اليومية (74 من بين 100) ، وهذا يفسره كون الجريدة لا تتطلب وقتا طويلا للقراءة ولا مجهودا خاصا. وغالبا ما يطلع الموظفون على عناوينها دون الوقوف على التفاصيل. ولا يدل هذا الرقم على أن الإقبال على الجرائد كبيرا، ذلك أن ثلة من الموظفين من تشتري الجريدة بصفة شبه مستمرة. في حين يطلع الباقي على الجريدة في المقاهي أو في الإدارة نفسها أو لدى صديق أو بالتصفح في الأكشاك العمومية ليس إلا.

وإذا كانت أهمية الجريدة تبرز في دورها الإخباري العام. فإن بعض الموظفين لا يهتمون بدورها الإخباري ، بل يعتبرونها محض وسيلة لتمضية الوقت الرسمي للعمل. وتحتل المرتبة الثانية في المقروئية : المجلات ، والمرتبة الثالثة الأبحاث بينما الشعر هو الأقل مقروئية (فقد ذكر بعض الموظفين في مجتمع الدراسة بأن السبب يعود إلى غموض الشعر الحديث وإلى غياب عنصر التشويق في الشعر خلفا للقصة والرواية).

وقد لاحظنا أن الذكور هم من يعطي الأفضلية في المقروئية للجريدة (65) رجلا مقابل (09) نساء. حيث يفضل النساء قراءة المجلات التسوية على الجريدة (23) موظفة. وقد صرحت (05) نساء من بين (09) بأنهن لا يشترين الجريدة وإنما يتصفحنها في البيت من خلال أزواجهن. وتشمل غالبية المجلات النسوية خاصة المصورة التافهة وعلى رأسها (امرأة اليوم) أو مجلات فرنسية ذات طابع عائلي أو عاطفي وأغلبها- كما لاحظنا – يقرأ بعد فوات تاريخ صدوره وتباع بأقل من سعرها.

وتحتل المرتبة الثانية في المقروئية لدى النساء (القصص) وتشمل خاصة القصص العاطفية ذات الصبغة التجارية واللغة البسيطة. أما الشعر فلا تعيره النساء الموظفات أية أهمية (02) من بين (30). وقد أوضحت الدراسة الميدانية أن جميع الفئات الإدارية والتقنية والتعليمية تعطي الصدارة للجريدة ، وذلك للأسباب التي سبق وأن ذكرناها.

جدول بياني رقم (07) أوقات المقروئية حسب الجنس.

الجنس

أثناء العمل

الليل

الوقت الفارغ

المجموع

ذكـــــور

إناث

05

12

42

07

23

11

70

30

المجموع

17

49

34

100

جدول بياني رقم (08) أوقات المقروئية حسب الوظيفة.

الجنس

أثناء العمل

الليل

الوقت الفارغ

المجموع

وظائف إدارية

وظائف تقنيــة

وظائف تعليمية

17

20

16

13

15

10

09

52

26

22

المجموع

17

49

34

100

فحسب النتائج المتوصل إليها في مجتمع الدراسة بالنسبة لأوقات المقروئية أن أفضل وقت مناسب للمقروئية هو الليل (49) موظفا ، وتبدأ فترة الليل عادة من الساعة الثامنة إلى ما بعدها. وقد أدرجنا الأجوبة التي أشارت إلى وقت المساء في خانة (الليل) أيضا. ثم يليه (الوقت الفارغ) ، ويشمل أيام الخميس والجمعة والعطل الوطنية والدينية والمدرسية وما بعد انتهاء العمل سواء في النهار أو الليل. في حين نجد جزءا من الموظفين يطالع أثناء العمل وعددهم (17).  (13) امرأة و (05) رجال.

وبعد استجوابنا لعدد من الموظفين تبين لنا بأن هناك نسبة أكبر تقرأ جريدة أو مجلة أثناء العمل. ومرجع ذلك إلى التضخم الوظيفي الذي يجعل عددا من الموظفين في وضعية عاطلة (حضور جسدي وغياب فكري) وبذلك تهدف القروئية أثناء العمل ملأ الفراغ. كما أن الموظفات ومعظمهن كاتبات أو راقنات (وظائف إدارية صغرى) يقضين جزءا من أوقاتهن في مطالعة مجلات عاطفية رخيصة بهدف تمضية الوقت.

ومن جهة أخرى يرى بعض الموظفين أن تمضية الوقت بالقراءة – داخل الإدارة وإن كان مخالفا لأخلاقيات الإدارة الرشيدة – هو أفضل من تمضية الوقت في الأحاديث الفارغة داخل المكاتب. أما التقنيون ورجال التربية والتعليم فانشغالهم أولا بالعمل وطبيعة عملهم ذاته تقتضي منهم المتابعة المستمرة مما لا يسمح لهم بالمقروئية أثناء العمل.

كما بينت لنا الدراسة عدم اهتمام الموظفات بالمقروئية من كونهن لا يخصصن وقتا قارا ويوميا للمقروئية فقط (07) من بين (30) موظفة تطالع كل ليلة. وإنما يتركن ذلك للوقت الفارغ وبمعنى آخر يتركن ذلك للصدفة.

مدة المقروئية في مجتمع الدراسة :

جدول بياني رقم (09) مدة المقروئية حسب الجنس.

الجنس

نصف ساعة

ساعة

ساعتان

3 ساعات فأكثر

المجموع

ذكـــــــور

إناث

05

07

29

14

31

08

05

01

70

30

المجموع

12

43

39

06

10 

جدول بياني رقم (10) مدة المقروئية حسب الوظيفة.

الجنس

نصف ساعة

ساعة

ساعتان

3 ساعات فأكثر

المجموع

وظائف إدارية

وظائف تقنيــة

وظائف تعليمية

08

02

02

27

07

09

14

15

10

03

02

01

52

26

22

المجموع

12

43

39

06

100

لقد تبين لنا من خلال نتائج الدراسة أن مدة المقروئية اليومية في المتوسط تبلغ ساعة واحدة (43) من بين (100) ثم ساعتان بالنسبة لـ (39) موظفا. وهذه مدد متقاربة فيما بينها.

ويخصص الموظفون الذكور في معظمهم ساعتين للمقروئية (31) موظفا بينما لا تخصص النساء سوى ساعة واحدة. أما المقروئية خلال 3 ساعات فأكثر يوميا فناذرا حدوثها بالنسبة للموظفين (06) فقط. وذلك كما لاحظنا ، يعود إلى المشاغل وضيق الوقت.

وقد أظهرت الدراسة بالنسبة لمدة المقروئية حسب السن (جدول رقم 11) بأن الموظف كلما زاد سنا إلا ونقصت مدة المقروئية لديه. فغالبية الموظفين الذين تتراوح سنهم بين (35) و(40) سنة يخصصون ساعة واحدة يوميا للمقروئية ومثلهم الموظفون البالغون أكثر    من (40) سنة.

أما الموظفون الأصغر سنا بين (30) و(35) سنة فيخصصون ساعتين ومثلهم الموظفون الذين تتراوح أعمارهم بين (25) و(30) سنة.

وظاهرة نقص وقت المقروئية ترتبط بالتقدم سنا نحو الكهولة وبطبيعة الحال فالأعباء العائلية وغير العائلية تزداد مع الزمن. أما الشباب العزاب فهم الأقل مسئولية على المستوى العائلي والاجتماعي.

أما القلة من الموظفين التي تخصص (03 ساعات فأكثر) للمقروئية اليومية ، فسنهم غالبا يتراوح بين (25) و(30) سنة.

جدول بياني رقم (11) مدة المقروئية اليومية حسب الجنس.

الســـــن

نصف ساعة

ساعة

ساعتان

3 ساعات فأكثر

المجموع

20 – 25

25 – 30

30 – 35

35 – 40

أكثر من 40

01

02

04

05

01

10

06

20

06

14

12

08

05

03

01

01

01

02

29

23

34

12

المجموع

12

43

39

06

100

مكانة الأديب الجزائري والمقروئية في مجتمع الدراسة :

لقد أظهرت الدراسة الميدانية أن نصف عدد الموظفين الجزائريين في مجتمع الدراسة المستجوبين اطلع على كتاب وأدباء جزائريين. فمن مجموع (100) موظف ، (52) فقط من قرؤوا كتابا أو أكثر لأدباء جزائريين . وهذا عدد قليل جدا بالنسبة لموظفين جزائريين من المفروض أن يكونوا على اطلاع كاف بالأدباء والكتاب الجزائريين ، وأن يساهموا – ولو من باب التضامن – في اقتناء الكتاب الجزائري لحل أزمة المقروئية ولو نسبيا.

وتحتل الموظفات نسبة كبيرة (16) من بين (30) في جهل الأدب الجزائري. وأغلب  من قرأ لأديب جزائري هم أولا من الذكور وثانيا من ممارسي الوظائف التعليمية وثالثا من الفئة العليا من الموظفين.

جدول بياني رقم (12) مقروئية الأدب الجزائري من الموظفين حسب الجنس.

الجـنــس

نــعــــم

لا

المجموع

ذكـــــــــور

إناث

38

14

32

16

70

30

المجموع

52

48

100

 جدول بياني رقم (13) مقروئية الأدب الجزائري من الموظفين حسب الوظيفة.

الجـنــس

نــعــــم

لا

المجموع

وظيفة إدارية

وظيفة تقنية

وظيفة تعليمية

24

11

17

28

15

05

52

26

22

المجموع

52

48

100

جدول بياني رقم (14) مقروئية الأدب الجزائري من الموظفين حسب المستوى التعليمي.

الجـنــس

نــعــــم

لا

المجموع

إطار ادني

إطار متوسـط

إطار عـــــال

07

24

21

14

24

10

21

48

31

المجموع

52

48

100

وهذا أظهرت الدراسة من خلال الجدول رقم (13) أن أصحاب الوظائف الإدارية لا يقرؤون الأدب الجزائري ولعل مرجع ذلك – كما سبقت – الإشارة إلى كون غالبية شاغلي الوظائف الكتابية هم من صغار الموظفين ومن العنصر النسوي ومعظمهن راقنات. ثم يلي العنصر النسوي في عدم الاطلاع على المؤلف أو الباحث الجزائري أصحاب الوظائف التقنية (15) من بين (26).

و إذا كان من المفترض بأن رجال التربية والتعليم هم الأقرب إلى ميدان المقروئية ، فإننا نستغرب كون (05) من رجال التربية والتعليم أجابوا بالنفي عن السؤال حول مقروئية أديب جزائري.

وبصفة عامة فإن مقروئية الأدب الجزائري ضئيلة لدى الموظفين الجزائريين. إنما يميلون إلى ميدان القصة. أما المؤلفات ذات الطابع الفكري أو المتعمق فإن عدد قراءها لا يكاد يذكر. وهذا بالطبع يعود إلى يسر المقروئية القصصية نسبيا بالمقارنة مع كتب البحوث الأدبية والفكرية والتي تتطلب بالإضافة إلى توفر مستوى ثقافي جامعي أو اقرب إلى الجامعي إنما تتطلب زمنا أكبر في المقروئية ومجهودا أكبر في الاستيعاب. ومن هؤلاء الموظفين من قرأ كتابا جزائريا في الإطار الدراسي أما في حياته المهنية فلم يقرأ شيئا.

وهكذا فقد طلبنا من المستجوبين الذين قرؤوا مؤلفا جزائريا ذكر اسم أديب جزائري أو عدة أسماء فلاحظنا بأن موظفا واحدا من مائة قرأ عبد الحميد بن هدوقة وواحد قرأ مرزاق بقطاش ، وواحد قرأ العيد دودو ، وواحد قرأ لعرج الواسيني ، وأربعة قرؤوا للطاهر وطار وأربعة قرؤوا رشيد بوجدرة وخمسة قرؤوا عبد الله شريط. أما في ميدان الشعر فهناك مستجوب واحد قرأ محمد الأخضر السائحي ، واثنين قرآ لعبد القادر السائحي.

وفي ميدان القصة – وهي الأهم بالنسبة للموظفين- (21) موظفا مستجوبا قرؤوا عبد الحميد بن هدوقة من بين (100) ، و(12) موظفا قرأوا لمرزاق بقطاش ، و(11) موظفا قرؤوا للطاهر وطار، و(08) قرأوا لرشيد بوجدرة ، و(06) قرؤوا لواسيني الأعرج ، و(04) قرؤوا لمولود فرعون ، واثنين محمد ديب وواحد قرأ كاتب ياسين ، وواحد قرأ أحلام مستغانمي.

ولا بد من الإشارة هنا إلى ملاحظة – ليست بسيطة على كل حال – وهي أن مجموعة من الموظفين ذكروا أسماء ليست جزائرية وهم يعتقدون أنها جزائرية وهكذا قدمت خطأ أسماء : نجيب العوفي ، إدريس الناقوري ، علال الفاسي ، عبد الكريم الخطيبي ، محمد عابد الجابري  عبد الله العروى ، طه حسين ، احمد بنجلون ، إبراهيم بوعلو ، الطيب صالح ,الطيب الصديق الأمر الذي يدل على أن بعض المستجوبين قد قرأوا لهؤلاء الكتاب عن طريق الصدفة دون معرفة نبذة عن حياتهم.

ملاحظــة ختاميــة :

لا بد من الإقرار في الأخير بحقيقة مؤسفة وهي أن الموظفين مقصرون جدا في المقروئية. بل فإن غالبيتهم غير واعين بأهميتها ، وتأثيرها.

لهذا فمن الضروري تشجيع المقروئية لدى الموظفين ومحاربة شبه الأمية المتفشية بينهم. وفي هذا المجال لنا عدة اقتراحات منها ما هو عام مثل الرفع من الطاقة الشرائية للموظفين         ومنها ما يمكن للإدارة نفسها أن تقوم به كالتزويد بالجرائد وبعض المجلات ، وخلق مكتبات صغيرة في المؤسسات الكبرى. وتوجيه اهتمام مسئولي الإدارات والمؤسسات العمومية الموظفين لاقتناء بعض المجلات العلمية. والعمل على خلق علاقات تعارف بين الإدارة من جهة ودور الإعلام والنشر من جهة ثانية ، وكذلك استغلال الوسائل السمعية البصرية كمثال ربط شبكات الإعلام الآلي بالانترنت بغرض الاطلاع على كل المستجدات في مجال التأليف والنشر والاهتمام أكثر بالإنتاج الفكري الجزائري.

مصادر الدراسة الميدانية :- مدينة تلمســـــــان بالجمهورية الجزائرية ( نموذجا ).