هل نركن للصمت المريب لنكسب رضا رؤسائنا ، أو نختار التزلف لهم بعد مباراة يكاد عمرها أن يبلغ السنة بالنظر لتاريخ الإعلان والإجراءات الإدارية المرافقة ، هل نستطيع أن نتغلب على جراحنا النفسية كمواطنين مهووسين بمصالح هذا البلد العزيز ، وهل نقوى على كتم هم التكوين الذي لن تتوقف آثاره عند المعني به ، وإنما تمتد إلى كل مصالح البلاد والعباد ، أسئلة تراود كل من يملك ذرة غيرة على واقع التعليم المغربي ، ولحظات الشدود التي تعتريه ذات اليمين وذات الشمال . فبعد المباراة التي ادعى البعض خلفياتها الديمقراطية ، واستطاع أن يقنع بها السذج وراكبي حيل البحث عن المستقبل ، ها هي لائحة الانتظار وما رافقها من حركية ثالثة في صفوف المتدربين ،لا زالت تفتح دراعيها لمن يريد أو لمن أريد له ، دون أن يأخذ قطار التكوين مساره الطبيعي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين إلى حد كتابة هذه السطور . فكأني بالمسئولين يريدون أن يبينوا أن الفئة المتأخرة لا يمكنها أن تؤثر في الواقع لا سلبا ولا إيجابا ، وعليه فيكفي أنها ستلتحق ،وعليها في تكوينها بالكفاف والعفاف . أما الذين ستسند لها مهمة تعليمهم ، فعليهم ، وربما بحكم النظرة إليهم مغاربة في مستوى أدنى أو درجة أقل ، الرضا بما قسم لهم .
وضع تكويني غرائبي وعجائبي لأنه غير محكوم بمنطق واحد معروف ومقبول ، إذ نبدو فيه أشبه بفلاحين يمارسون نشاطهم في ظل فصل ممتد ، “هذا زرع بكري وهذا مازوزي “، والجميع سيحصد ومعادلة الأمطار تستطيع أن تأتي بغير المتوقع .
أه لحالنا ، لو كنا في بلد المحاسبة لحوسب الوزير المنفلت من عقاله ، والمتحرر من كل التزام سياسي ، سوى التزامه مع من أراده أن يكون وزيرا في حكومته ، ضدا على الأعراف الديمقراطية ، وبعيدا عن أخلاق السياسة التي لم تعد لها أخلاق ، بل التي وقر في ذهن العامة أنها بدون أخلاق أصلا ،لينظر إلى من يمارسها على أنه يستطيع أن يفعل أي شيء دون أن يجد في ذلك حرج .
آه لتعليمنا وما ينتظره بعد أن أصبح قنطرة معبدة يمر عبرها كل صاحب أحلام وأوهام يفقه في الحسابات ولا تهمه التربية ، يدبر الموارد المالية والإدارية ومن خلالها التربوية ويستطيع لي عنقها لتستجيب طوعا أو عن كراهية . ذهب ذلك الزمان الذي كان يفرض فيه على المسئول أن يعرف ما هي التربية وما مستلزماتها ، أما اليوم فيكفي أن تملك دبلوما في التدبير، ولو تدبير ما كينات الخياطة والحصاد لتتربع على إمبراطورية التعليم التي لا تغيب عنها المشاكل لتصبح وزيرا وتقرر في شكل رسم ملامح الأمة ، لتهندس العقول وترتب شروط النهضة ، بعيدا عن فقه التربية والمربين .
لم يبق على نهاية السنة التكوينية ، على علاتها ، ضعف ما مضى ، ومع ذلك هناك من لم يبدأ التكوين بعد ، فهل أصبح مستقبل المغرب رخيصا إلى هذا الحد . على كل حال ستكتب شهادة كل من كان سببا في هذا الوضع ويسأل . أما نحن المغاربة الضعفاء فبعد الذي حصل ويحصل ،يكفينا أن نقول اللهم أن هذا لمنكر.
سنة تكوينية والسلام
