إلغاء مجانية التعليم دعوة إلى الإقصاء والجهل والأمية/ بقلم: نورة بنزهرة

الحسين النبيلي10 ديسمبر 2016
إلغاء مجانية التعليم دعوة إلى الإقصاء والجهل والأمية/ بقلم: نورة بنزهرة

نورة بنزهرة..

لا يختلف اثنان في كون التعليم هو الركيزة الأساسية لأية أمة، ولكل دولة، إذ من خلاله تستطيع بناء أجهزتها المختلفة وتغذية مختلف مسالك  الإدارات الحكومية وغير الحكومية بالأطر والكفاءات والعنصر البشري المؤهل والكفؤ، والقادر على تأدية المهمة الموكولة إليه خير أداء والنهوض بالدور المنوط به على الوجه المطلوب، سعيا لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية، ورفع التحديات في  عصر لا موطئ قدم فيه لجاهل، ولا لخامل لا يتقن غير لوْك الفراغ.

وكذلك لتحقيق الإنسان لمعنى وجوده؛ باعتباره خليفة لله عز وجل في أرضه ” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة “؛ فالإنسان مستخلف في الأرض لتعميرها، وإصلاحها ونشر الخير فيها، لينعم بالسعادة  الفردية والتقدم المجتمعي؛ وكذا السير قدما بالمجتمع نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، والازدهار والتنمية ومواكبة متطلبات العصر الحديث.

وانطلاقا مما تقدم، فإنه من واجب الدولة أن تجعل من قضية التربية والتعليم، وكذا التكوين والتأهيل أولى أولوياتها وأوجب واجباتها، وذلك بتخصيص ميزانية مهمة  لهذا الشأن، إذ بواسطة التربية والتعليم لا بغيرهما نتمكن من بناء الإنسان المواطن بزرع قيم المواطنة الحقة لدى النشء، وتربيتهم على حب الوطن والتشبث به، وتعزيز الإحساس بالأمن الفردي والجماعي داخل منظومة متكاملة الأركان من الحقوق والواجبات.

إن ما يُفكّر فيه للإجهاز على  مبدأ مجانية التعليم لهو بحق ضرب لحق من الحقوق الأساسية  لشرائح عريضة من طبقات هذا الوطن؛ حقوق  نصّت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهو في حد ذاته تكريس للفوارق الطبقية وتمييز بين أبناء الوطن الواحد. .

وبنظرة استشرافية للمستقبل يمكن القول بأن الدولة ستخسر  الكثير والكثير إن هي مسّت بمبدأ  المجانية بل من المفروض تعزيزها والاجتهاد في توطيدها واستمراريتها في أفق تمكين أبناء هذا الوطن من تعليم مجاني تكون فيه الفرص متكافئة بين أبناء شرائح المجتمع..

يحق لمتأمل الوضع الراهن اليوم  أن يطرح أسئلة مؤرقة : أين تنزيل بنود الميثاق الوطني للتربية والتعليم والذي أشار إلى دور الدولة في الإنفاق على المدرسة العمومية؟ ما مآل الخُطب الملكية في هذا الشأن؟  أين مبدأ تكافؤ الفرص وتعزيز مسيرة الإصلاحات التي يقودها ملك البلاد محمد السادس؟..

أسئلة كثيرة لا مجيب عنها في ظل واقع مأزوم  للتعليم في بلادنا..

إن  التعليم المراد دفع رسومه التي لا قِبل للفقراء ولمحدودي الدخل  ولمن لا دخلهم بها سيزيد من الأزمة الراهنة، بل وسيفاقمها لنصطدم في المستقبل بأفواج من العاطلين وبجموع من أنصاف الجاهلين والجاهلين والخاملين، في مقابل استقواء الفئات الغنية التي ستفتح الأبواب على مصراعيها لاستغلال الفرص المتاحة لها ضدا على الطبقة الساحقة من المعوزين، بل وستتسع الهوة بين الأغنياء والفقراء التي هي أصلا متسعة، وتنقطع عرى الوطن – لا قدرالله – منبئة عن مآزق لا مخرج لنا منها والتي ستكلفنا الكثير والكثير..نؤدي ثمنه غاليا.