العربي شحمي ـ وزان
كل وزاني تحدث عن المصادقة ـ في الأيام الأخيرة ـ على إحداث الكلية المتعددة التخصصات بشفشاون، إلا ويتحدث بحسرة وألم شديدين، ويتساءل: لماذا إلا وزان ؟ ، من غير أن يتذكر الاستثناءات الكثيرة التي طالت وتطال المدينة منذ زمان.
وهذا يعني أن الاستثناء الذي طال وزان هاته المرة ليس بالأمر الجديد. بالرغم من أن الكل يعلم أن وزان ليست أقل شأنا من شفشاون، وطبيعتها ليست أقل جمالا من طبيعة شفشاون، وموقعها ليس أقل أهمية من موقع شفشاون، ومآثرها ليست أقل قيمة من مآثر شفشاون، بل وحتى من حيث ساكنتها، تقاليدها، أعرافها، سيئاتها وحسناتها لا تختلف اختلافا بيِّنا عن تلك التي شاء الله لها أن تكون في مدينة شفشاون. ومع ذلك، فشهرة شفشاون عمت الآفاق وطنيا وعالميا، في حين أن وزان مدينة تكاد تكون نكرة بامتياز، في الوطن و خارج الوطن على السواء، ولا يكاد يعرفها غير أبنائها وأبناء المداشر القريبة منها، وباقي العباد ممن لا يزالون يُجِلُّون ويحترمون رمزيتها الروحية والدينية، باعتبارها دار الضمانة، ومقر الزاوية العريقة المسماة باسمها. هذا علما أنها كانت في ما مضى ” اسطنبول المغرب” ومحج المغتربين وطالبي العلم، وطالبي الحماية، أو اللجوء السياسي بلغة عصرنا اليوم، خصوصا بعد أن استقر بها المولى عبد الله الشريف رحمه الله، وأسس زاويته بها. وكان لا تذكر فاس حاضرة الأدارسة، إلا وتذكر وزان، دار الضمانة. ولعل هذا الجانب وحده كافٍ لأن يبرر شرعية طرح السؤال: لماذا استثناء وزان من إحداث نواة جامعية بها ؟
وعطفا على ما تقدم، لا بد من الانتباه إلى أمور أخرى وثيقة الصلة بالسؤال : ” لماذا إلا وزان “. وأعني بذلك مستوى حضور ما هو ثقافي، فني، سياسي بالمدينتين… وضمن هذا السياق أكتفي بالقول بأني لا أزال أتذكر ـ والذين من جيلي قد يتذكرون أيضا ـ أن جمعية الوعي الثقافي، التي كانت بوزان، وكانت عمت شهرتها الآفاق سنوات الرصاص، ولم يتم استئصالها إلا بداية ثمانينيات القرن المنصرم، كثيرا ما استضافت مفكرين وشعراء من شفشاون، كالأستاذ عبد الحميد عقار، والأستاذ عبد الكريم الطبال و…. ، هذا فضلا عما لا يعرفه الاتحاديون ولا الكونفدراليون الجدد، أن في سنوات الرصاص تحديدا، أسماء عديدة من شفشاون، أو من نواحي شفشاون، كانت لعبت أدوارا كبيرة ذات الصلة بالعمل الحزبي، والعمل النقابي، وبالنضال بشكل عام، في الوقت الذي كان فيه البعض، من الوزانيين وغير الوزانيين يكتفون بأقل الإيمان، أو فقط لا يمانعون في ( إعطاء الأصبع من تحت الجلباب ) رهبة من المخزن، وأكثر من هذا، وبحسب ما عرفته من بعض الأصدقاء، هناك في شفشاون، أن العمل الثقافي والسياسي والنقابي ( على علاته) لا يزال يحتفظ بطراوته ورونقه ومائه بشفشاون. مما كان له الأثر الإيجابي على مستوى المنتخبين بها، ومستوى حجم إنجازاتهم، ومستوى الأنشطة الفنية، والثقافية، التي يقل نظيرها في غيرها من المدن. بما في ذلك مدينة وزان. وزان الآن.
ومقارنة بسيطة بين وزان إبان الولايات الانتخابية القليلة الماضية، بما في ذلك الولاية الحالية، مع وزان إبان ولاية مصطفى مورونة وخليفته الأول المرحوم وهبي المعروف بالعافية، وولاية المرحوم عبد السلام الوادي، ومحمد البكوري أطال الله عمره، تجعلنا نفهم أن ساكنة مدينة وزان في أمس الحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن تتعلم القطع مع تجار الانتخابات وسماسرتهم على السواء. حتى تستقيم أحوالها، ويتسنى لها الوصول إلى ما يريد الوصول إليه. كنظيرتها شفشاون .كما أن مقارنة أخرى، بين مدينة أصيلة ومدينة مولاي بوسلهام، تفيدنا كثيرا في الوصول إلى سر إعطاء الأسبقية لشفشاون بخصوص المصادقة على إحداث نواة كلية متعددة التخصصات بها، بدل إعطائها لوزان… كما تجعلنا نسلم بضرورة الإيمان بكون كيفما كان المُولَّى عليكم تكونون، بدل كيفما كنتم يولى عليكم.
وخلاصة الأمر، من السذاجة بمكان أن ننتظر من منتخبين، جلهم بالكاد يعرف تهجية الحروف وكتابتها، أن يترافعوا، وأن يدقوا الأبواب لتحقيق الحلم الذي راود الوزانيين كثيرا، ذاك المتمثل في إحداث نواة جامعية بمدينتهم. أملا في تمكين فلدات أكبادهم من إنهاء معاناناتهم التي يتكبدونها جراء التوجه إلى مدن أخرى لإتمام دراساتهم، وما يتطلب ذلك من مصاريف وأتعاب قد لا يتحملها البعض. لماذا ؟، من جهة، لأن كل ما له صلة بالتعليم، والفكر، والفن، والثقافة لا يعنيهم في شيء. ومن جهة أخرى، وخصوصا في الوقت الراهن، لأن الإدمان المبالغ فيه على لعب القمار السياسي من طرف هذا التنظيم الحزبي أو ذاك، قد يكون له دور معلوم في تعطيل، إن لم أقل في تبخير إيجاد نواة جامعية بوزان قبل انتهاء هاته الولاية ، كي لا تحسب على الحزب الذي يترأس المجلس الجماعي، وفي ذات الوقت لتوفير فرصة ثمينة، لمن يهمهم الأمر، قابلة للاستثمار، إيجابا أو سلبا، في المحطة الانتخابية المقبلة !
العربي شحمي ـ وزان