الجميع كان ينتظر من المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديمقراطية للشغل شيئين اثنين : 1. تطوير الخطاب النقابي الكنفدرالي ليطابق ويعكس التطور الذي أحدثته حركة 20 فبراير التي اتجهت صوب إسقاط الفساد والاستبداد ، التقسيم العادل للثروة الوطنية ، إقتصاد التنمية … 2. تجديد الهياكل التنظيمية بضخ دماء جديدة حتى تتمكن المركزية من مواكبة متطلبات التواصل البناء مع عموم الجماهير الشعبية. وفعلا عكست مشاريع المؤتمر هذا التوجه إذ طورت الكثير من القضايا المرتبطة بالفكر النقابي منها: * الانتقال من منطق الحوار إلى منطق التفاوض التعاقدي. *وضع الرأس مال المغربي في حجمه الحقيقي . *الموقف من الأمازيغية. *التفكير بالاشتغال بالأوراش المؤسس لمؤسسة النقابة لتتجاوز شخصنة المسؤوليات خصوصا على مستوى العلاقات العامة داخليا وخارجيا. وقد عكس البيان العام الصادر عن المؤتمر هذا المنحى بتكريسه الانحياز الكلي إلى قوى اليسار المناضل ،وتأكيده على أن الكنفدرالية غير قابلة للتطويع من أي جهة كانت . وقد سبق كل هذا إجراءان يشكلان اختراقا وثورة حقيقية لما سارت عليه مؤتمرات النقابات المغربية : أولا : انتخاب أعضاء المجلس الوطني من قواعد المنظمة مباشرة في الأقاليم والجهات وهي الخطوة التي شكلت نقطة تفاعل حقيقي وسط المناضلين والمناضلات بالرغم من مجموعة من السلبيات التي كانت نتيجة وجود عقليات ألفت منطق التحكم . ثانيا : حضور كل المسؤولات النقابيات بصفة مؤتمرات داخل المؤتمر وهي الخطوة التي تعتبر تطورا حقيقيا تجاوزت به الكنفدرالية الديمقراطية للشغل كل الإطارات بما فيها الأحزاب التقدمية واليسارية ،إذ شكلت نسبة 46 في المائة من أعضاء المؤتمر من نساء فرصة لفرز كفاءات نسائية عاملة كما تشكل ورشا للمرأة الكنفدرالية للانتقال من الخطاب النظري و الإنتخابوي للكوطا النسائية إلى العمل التنظيمي ، مع استحضار بعض الجوانب السلبية لهذه الخطوة من قبيل حضورهن ككم مساند انتخابي لتيار التحكم. وقد تفاعل المؤتمر بشكل قوي وإيجابي مع هذه الاختراقات التي أقدمت عليها المركزية داخل الحقل النقابي المغربي والتي تشكل فعلا أفق الانتظار كل الجماهير الشعبية التواقة لمعايشة مركزية نقابية مناضلة فعلا ومكافحة حقيقة ومنتجة أيضا لممارسة حداثية وعقلانية متجاوزة لخطاب وممارسات النقابات المتحالفة مع الرأس المال الجشع، نقول بالأمل لأن هناك هذا الرصيد المضيء للك د ش وبه نواجه سلبيات هذا المؤتمر والتي يركزها الجميع في نقطة واحدة وهي عودة الزعيم الأخ “محمد نوبير الأموي” إلى الكتابة العامة لفترة أخرى قد لا تصل إلى ولاية كاملة كما قال (سنتين) بل لفترة انتقالية لتهيئ شروط تجاوز تمنعات تيار التحكم داخل القيادة وتهيئ شروط الوصول إلى تغيير أعلى المسؤوليات داخل النقابة بما يضمن ويكرس شيئين اثنين: ديمقراطية الاختيار وجماعية المسؤوليات. صحيح أن الطريقة التي قدم بها الأخ الكاتب العام لم تكن موفقة ولا سليمة من حيث التقدير للمؤتمرات والمؤتمرين إذ كاد أن يحدث ما لا يحمد عقباه حين طرح أحد المؤتمرين (الرفيق محمد الصلحيوي) والذي طالب بتطبيق المسطرة العادية بإخضاع المقترح لتصويت) حيث جوبه بعنف لفظي كاد أن يصل إلى عنف جسدي لولا تدخل بعض المؤتمرين، وقد طرح المقترح فعلا للتصويت في جو شابه الضجيج بحيث لم يتمكن المؤتمر من أداء مهمة التصويت بسلاسة مع تقدير الجميع للمكانة التاريخية والنضالية للأخ الكاتب العام والذي جدد في كلمته عقب انتخابه ، وجوده رهن إشارة القواعد المركزية وعموم الجماهير الشعبية للاستمرار جدوى النضال لأن هذه المركزية غير قابلة للتطويع. إذا، لابد من وضع هذا المؤتمر بنتائجه في سياقه الطبيعي والنظر إلى كل جوانبه حتى يتمكن الجميع من المعرفة الأدق لطبيعة الكدش وما تعرفه من تطور.
بقلم الحسن المجيدي